أم المؤمنين خديجه بنت خويلد


متابعة دنيا شيحة
كان للنساء دور بارز في التاريخ الإسلامي سواء بكونهن أمهات أو مجاهدات أو عابدات. يذكر التاريخ بحروف من نور أهمية الدور الذي قمن به لدعم اسرهن .. كن عنوانا للتحمل والارادة وتحدي اصعب الصعاب..منهن بالطبع السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنهاآمنت بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم عندما كفر الناس به. وصدقته عندما كذبوه. وواسته بمالها عندما حرموه. وأنجبت له البنين والبنات. وفازت فوزا عظيما عندما أصبحت أول مسلمة من النساء.مواقفها جليلة. ووفاؤها عظيم. وحكمتها مشهودة.. إنها السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها. وأولي زوجات الرسول محمد صلي الله عليه وسلم.: هي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي. وأمها فاطمة بنت زائدة. وكانت تدعي في الجاهلية “الطاهرة””.وهي ذات شرف وسيادة في قومها. وكان لها مال وفير تتاجر فيه. فكانت تستأجر الرجال الأكفاء ذوي الخبرة ليتاجروا لها في مالها.كان النبي صلي الله عليه وسلم يعمل بالتجارة في شبابه.
وقد بلغها عنه صلي الله عليه وسلم صدقه وأمانته. فأحبت أن تستأجره وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار. فأرسلت إليه ليقوم بهذه المهمة التي أرادتها مع غلام لها يُدعي ميسرة. وعرضت عليه العمل في تجارتها فقبل. وخرج النبي صلي الله عليه وسلم إلي الشام ومعه ميسرة.ولما رجع إلي مكة. ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم تر من قبل. أعطته ضعف ما اتفقت معه عليه من الأجر. وأخبرها غلامها ميسرة بما رأي في محمد صلي الله عليه وسلم من دماثة الخلق. وحسن الأدب. وشمائل كريمة. وفكر راجح. ومنطق صادق. ونهج أمين. وما يحوطه من عناية ربانية. ورعاية إلهية. فوجدت ضالتها المنشودة. وكان السادات والرؤساء يحرصون علي زواجها فتأبي عليهم ذلك. وهي أرفع النساء عفة وجمالا. حيث كانت متزوجة ثم تأيمت.
ولما رأت من محمد صلي الله عليه وسلم ما رأت أسرعت إلي ابن عمها ورقة بن نوفل بن أسد. وكان قد تنصر. وقرأ الكتب السوالف. فذكرت له ما حدثها به غلامها ميسرة.
فقال لها ورقة إن محمدا لنبي هذه الأمة. وهذا زمانه. فتحدثت بما في نفسها إلي صديقتها نفيسة بنت منية. فذهبت إليه صلي الله عليه وسلم تفاتحه أن يتزوج خديجة. فرضي بذلك. وكلم أعمامه. فذهبوا إلي عم خديجة وخطبوها إليه. وعلي أثر ذلك تم الزواج. وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر. وذلك بعد رجوعه من الشام بشهرين.”أم المؤمنين” والوحى وتم زواج محمد من خديجة . وانتقل إلي بيتها ليبدأ معها صفحة جديدة من صفحات الحياة. صفحة الزوجية والأبوة.
تزوجها وهو في خمس وعشرين من عمره. وهي في الأربعين. وهي أول من تزوجها. ولم يتزوج عليها غيرها. ورزق منها البنون والبنات. أما الأبناء فلم يعش منهم أحد. وأما البنات فهن: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمةوقد وقفت خديجة خلف النبي صلي الله عليه وسلم تسانده في حياته. حيث كانت تتوسم فيه أنه سوف يكون نبي هذه الأمة المنتظر. فكانت تتركه لعبادة ربه.. كان يذهب إلي غار حراء. ويخلو إلي الله في تفكير عميق بعيدا عنها ليالي قد تطول. حتي جاء اليوم المنتظر. حيث جاءه جبريل في الغار قائلا: “اقرأ”. فقال: “ما أنا بقارئ”. ثم يقول له: “اقرأ”. فيقول: “ما أنا بقارئ”. ثم يقول له: “اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم”.. “سورة العلق: 1 – 3”.ويرتاع النبي صلي الله عليه وسلم لما رأي وسمع. ويرجع إلي خديجة مسرعا يرجف فؤاده. وترتعد أوصاله. قائلا لها: “زملوني زملوني”.. وتزمله خديجة وتضمه إلي صدرها حتي يذهب عنه الروع. ثم تستمع إلي ما يخبرها به. وتطمئنه وتبشره قائلة: “أبشر يا ابن العم واثبت. فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة المنتظر”.وروت السيدة عائشة رضي الله عنها أن خديجة انطلقت بالنبي صلي الله عليه وسلم حتي بيت ورقة بن نوفل.
فأخبره النبي صلي الله عليه وسلم بما رأي وسمع. فقال له ورقة: “هذا هو الناموس الذي نزل علي موسي عليه السلام”. وطابت نفسه صلي الله عليه وسلم بما سمع. وعاد إلي بيته مطمئنا مع زوجه – أم المؤمنين الأولي – ليبدأ جهاده من أجل رسالته.وكانت خديجة أول من آمن بالنبي صلي الله عليه وسلم حين جاءته الرسالة. وظلت خلفه. وقد وضعت كل ما تملك من جهد ومال في خدمة النبي صلي الله عليه وسلم وتبليغ الرسالة. فكانت بالنسبة له وزير صدق. ورفيق جهاد وملاذا آمنا.
ووقفت خديجة خلف النبي صلي الله عليه وسلم تؤيده في سنوات المقاطعة بكل ما أوتيت من قوة وجهد. وقد تركت دارها الفسيحة الأنيقة لتقيم مع زوجها في ركن من أركان شعب أبي طالب تقاسي مع من فيه ضروب الأذي. في الوقت الذي كانت فيه قد كبرت وضعفت بسبب فقد أولادها الذكور من حبيبها المصطفي صلي الله عليه وسلم.كانت وزيرة صدق للنبي صلي الله عليه وسلم. وأما للمؤمنين والمؤمنات حتي توفاها الله قبل الهجرة. وسمي العام الذي ماتت فيه “عام الحزن”.